الثلاثاء، 14 أكتوبر 2008

ماذا نعرف عن حساسية الأطعمة؟ ...


ماذا نعرف عن حساسية الأطعمة؟

جريدة الرأي : تتيانا الكور - يستهين العديد منا بالحساسية للأطعمة بالرغم من أننا نعتبرها من أكثر المشاكل الصحية ضررا. فما هي حساسية الأطعمة؟ وما هي العوامل التي تتسبب بحدوثها؟ وهل تصيب فئة معينة من الأفراد؟ وما دور الطعام والغذاء في حدوثها والوقاية منها؟

تعتبر الحساسية للأطعمة عبارة عن ردود فعل ضد الأطعمة تظهر بعد تناول الطعام مباشرة أو بعد ساعات أو أيام من تناوله بسبب تفاعل الجسم مع بعض المكونات ( مثل البروتين في الطعام أو المحسس).

ويمكن لهذا التفاعل أن يحدث مع أكثر من طعام واحد نتيجة لطعام فاسد أو لإحدى مكونات مادة غذائية ما. وقد يحصل لدى البعض منا ردود فعل قوية حتى ولو تم تناول كميات قليلة جداً من الطعام الذي يحتوي على هذه المكونات أو البروتينات. وقد يحصل لدى بعض الآخرين أعراض خفيفة والتي تزول دون عواقب خطيرة تستدعي التدخل الطبي.

وتكون ردة الفعل أو التفاعلات هذه عبارة عن تفسير خاطيء لهذه المادة الغذائية من قبل الجهاز المناعي إذ يعتبرها الجهاز المناعي علي أنها مادة غريبة عليه وضارة له.
ويقوم الجهاز المناعي بالمقابل بإنتاج أجسام مضادة في محاولته لحماية الجسم. وتكون هذه الأجسام المضادة بالعادة محددة لنوع من الطعام، وهي آي. جي. إي (EgI) بحيث إذا تناوله الشخص مرة أخري، فإن الجهاز المناعي يقوم بإفراز كميات كبيرة من المواد الكيميائية ومادة الهستامين لحماية الجسم.

وهذه المواد الكيمائية ومادة الهستامين تقوم بدورها في تحفيز ظهور أعراض الحساسية والتي تؤثر علي الجهاز التنفسي والهضمي والجلدي، بل وتسبب توسع الأوعية الدموية في بعض الأحيان وانقباض العضلات اللاإرادية وتجعل الجلد المتأثر أحمر متورم مع حكة. ويمكن أن تحدث ردة الفعل بعد تناول الطعام مباشرة (بعد دقيقتين إلى ساعتين من تناوله) أو أن يتأخر حدوثه (بعد ساعات أو أيام من تناوله). ولا يشترط تناول الأطعمة المسببة للحساسية لظهور أعراضها، فبعض الأشخاص لديهم قابلية عالية للإصابة بها بمجرد لمسهم للأطعمة أو شم رائحتها.

أما بالنسبة لأسباب حدوث الحساسية، فيعتبرعامل الوراثة هوالعامل الأساسي، إذ أشارت الدراسات إلى أنه إذا كان الأبوان (الأم و الأب) يعانيان من الحساسية، فإن إحتمال إصابة الإبن أو الإبنة بالحساسية هو 75% تقريباً. أما إذا كان أحد الأبوين يعاني من الحساسية، وشخص آخر قريب يعاني منها أيضا، فإن إحتمال إصابة الفرد بالحساسية تتراوح ما بين %30 إلى 40%. أما إذا كان الأبوان لا يعانيان من الحساسية، ولا يوجد أي فرد في العائلة ممن يعاني من الحساسية، فيتضاءل إحتمال الإصابة إلى 10-15%.

ومن الأعراض الشائعة والتي يشكو منها الفرد هي: ظهور طفح جلدي علي صورة بثور تسبب حكة شديدة (وتتفاوت ردود الفعل من طفح جلدي معتدل إلى الإعوار)، إفراز المخاط بشكل مفرط، تشنجات داخل البطن، الإسهال، التورم، خاصة تورم الحنجرة، التقيؤ، الأكزيما، التوقف عن النمو، صعوبة في التنفس، عدم إنتظام ضربات القلب، هبوط في ضغط الدم، فقدان الوعي في بعض الأحيان، وظهور أعراض النقص الغذائي لعناصر غذائية معينة، مثل الأعراض المتعلقة بنقص فيتامين ب12، الحديد، الزنك، الكالسيوم وفيتامين دال. والجدير بالذكر بأن شدة الأعراض وتكرارها تختلف بشكل كبير من شخص إلى آخر، فأعراض الحساسية البسيطة قد تقتصر على سيلان الأنف المصحوب بالعطاس، أما أعراض الحساسية الشديدة، فقد يعاني الفرد من ردة فعل شديدة وخطرة كالإختناق وتورم اللسان والشفاه والحنجرة. وبما أن الأعراض المذكورة سابقاً قد تسببها أمراض أخرى غير الأطعمة فإن الأخصائي الطبي قد يقوم بسؤالك والقيام بالكشف الطبي وإجراء بعض الفحوصات المخبرية لاستثناء تلك الأمراض التي ربما تكون هي سبب الشكوى.

وتعتبر حساسية الأطعمة من أكثر المشاكل الصحية شيوعا لدى الأطفال.

ويتخلص الأغلبية من حساسية الأطعمة قبل بلوغ العمر المدرسي، ولكنها يمكن أن تحدث في عمر البلوغ، ويمكن أن تصيب أي شخص وفي أي سن ، ويمكن أن يسببها أي طعام حتى ولو كان الشخص يأكل ذلك الطعام سنوات عديدة قبل حدوث الحساسية. ومن الممكن أن يسبب أي نوع من الأطعمة الحساسية، لكن هناك ستة أنواع شائعة من الأطعمة التي تؤدي إلي ظهور أعراض بنسبة 90% ، وهي التي تمثل النسبة العظمى، وخاصة لدى الأطفال. وهذه الأنواع الستة هي:

الحليب، البيض، القمح، الصويا، المكسرات بأنواعها (خاصة الفستق أو الفول السوداني)، والسمك بأنواعه والفشريات. ولكننا يجب أن ندرك بأنه قد تتسبب أنواع أو أصناف غذائية أخرى الحساسية، مثل المعلبات والأغذية المصنعة والتي تحتوي على مواد ملونة ومواد حافظة، الشوكولاتة، العسل، البندورة، والتوت. وبات من الصعب تحديد الأطعمة المسببة للحساسية في وجود عوامل أخرى قد تسببها. فعلى سبيل المثال، فهناك بعض الأطفال الذين يصابون بحساسيات ضد الأطعمة نظرا لعدم إكتمال جهاز المناعة لديهم، ولكن سرعان ما تختفي أعراض الحساسية عند معظمهم مع النمو.

إلا أنه يجب التنويه بأنه ليس كل ردة فعل لتناول الأطعمة يعتبر حساسية، فأحيانا تكون ردة الفعل للحليب ناتجة عن نقص أنزيم سكر الحليب (اللاكتيز) والذي بدوره يهضم سكر الحليب (الاكتوز). فقد يشعر الأفراد بمغص وغازات وإسهال عندما يشربون الحليب وقد ينقصهم هذا الأنزيم، ولكن ليس لديهم أية حساسية.

أما بالنسبة لعلاج حساسية الأطعمة، فيقتصر العلاج الطبي على الإمتناع التام عن الطعام المسبب للحساسية لفترة طويلة إذ أفادت الأبحاث والتجارب بأن الإمتناع عن الطعام المسبب يؤدي إلى إختفاء أو ضعف الحساسية وإختفاء أعراضها. كما وأشارت الدراسات بإن الغالبية العظمى من الأفراد الذين يعانون من حساسية البيض والحليب وفول الصويا، يمكن أن يأكلوا هذا الأطعمة بعد فترة من الزمن. أما الذين يعانون من حساسية الفول السوداني والمكسرات والأسماك القشرية، فإنها غالبا ما تكون لمدى الحياة، مع العلم بأن الدراسات الحديثة أشارت إلى أن حوالي 30% من هؤلاء الأفراد يفقدون تحسسهم للفول السوداني بعد خمسة أعوام من الإمتناع عن تناوله.

ويأتي دور التدخل الطبي الغذائي في مراعاة الحفاظ على التوازن الغذائي وتوازن مدخزا الجسم من العناصر الغذائية التي قد يفتقر لها نظير الإمتناع عن بعض الأطعمة. وعادة ما نوصي بالإمتناع عن الطعام المسبب للحساسية لمدة ستة أشهر، ثم يتم بعدها محاولة تناول الطعام تحت إشراف الأخصائي. فإذا تم تناول الطعام دون حدوث أية أعراض للحساسية، فيمكن الإطمئنان بعدم تكرار الحساسية. أما إذا حدثت أعراض الحساسية بعد ستة أشهر، فيجب الاستمرار في الإمتناع عن الطعام المسبب.

أما في حالة الحساسية الشديدة، مثل حدوث الصدمة التحسسية (sixalyhpanA)، فيجب عدم تجربة أخذ الطعام ثانية، لان ذلك قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة على الحياة، وقد يتسبب بالموت في بعض الأحيان..

ليست هناك تعليقات: